يعتبر نزار قباني واحدًا من أعظم شعراء العرب في القرن العشرين، حيث ترك أثرًا لا يُمحى في عالم الأدب والشعر وُلد في دمشق في 21 مارس 1889، وتوفي في بيروت في 30 أبريل 1959. كانت رحلته الشعرية مليئة بالمشاعر والجمال وتركت قصائده أثرًا عميقًا في قلوب القراء و في مسرح الشعر العربي يتلألأ اسم نزار قباني كنجم لامع ينير سماء الأدب برونقه وجماله. لم يكن نزار قباني مجرد شاعر بل كان سفيرًا للعاطفة يستخدم قوة الكلمة لنقل أعماق الإنسان وروحه الجميلة لدى دخولنا إلى عالم قصائد نزار قباني، ننغمس في رحلة مشوقة عبر أفق الإحساس والعواطف. يأخذنا الشاعر بيد من الشعر إلى متاهات قلبه، حيث ترقص الكلمات على وتيرة الأحاسيس العميقة والمشاعر الصادقة
نزار قباني لم يكن مجرد قائل للكلمات بل كان رسامًا يستخدم اللغة كلوحته الفنية يرسم لنا لوحات مشرقة بألوان الحب والحنا، وفي لحظة يقودنا في رحلة غنائية إلى أعماق الهوى والشوق
تتميز قصائد نزار قباني بأنها نافذة تطل على عالم الإنسانية. يحكي لنا في قصائده عن قضايا الحياة، وينقلنا في رحلة عبر التاريخ والثقافة العربية، مع اهتمامه البالغ بقضايا المرأة والحب.
ما يميز نزار قباني هو قدرته على ربط الحاضر بالماضي، حيث يستمد إلهامه من تراث عريق وينسجه مع واقعه الحديث يأخذنا في رحلة عبر الزمن حيث يلامس أوتار الماضي برقي وأناقة.
في ختام هذه المقدمة الطويلة يظل نزار قباني شاعرًا استثنائيًا، حفر اسمه بأحرف من ذهب في سماء الشعر والأدب العربي يترك لنا إرثًا لا يُمحى من الذاكرة يستمر في إلهام الأجيال والأجيال بعدنا، كنجمٍ لامع في فلك الأدب والإبداع
التعبير عن الحب والعواطف
يتميز قباني بقدرته الفائقة على التعبير عن المشاعر الإنسانية، وبخاصة الحب والعواطف. كان يستخدم لغة جميلة ومشبعة بالعواطف ليصف الحب بطريقة فريدة ومؤثرة، مما جعل قصائده تلامس أعماق القلوب.
فهرس المحتوي
Toggleالغناء بجمال اللغة
كان نزار قباني يتقن فنون اللغة العربية ببراعة، حيث كان يجمع بين البساطة والعمق في كتابته. تألق في استخدام اللغة بشكل فريد، مما جعل قصائده قراءة لذيذة وممتعة.
تنوع المواضيع
لم يقتصر قباني على الحديث عن الحب فقط، بل تنوعت مواضيع قصائده لتشمل الوطن، والحياة الاجتماعية، والتاريخ. كان يعبر عن رؤيته للعديد من القضايا بأسلوبه الراقي والمؤثر.
الاهتمام بالتراث العربي
أظهر قباني اهتمامًا كبيرًا بالتراث العربي والثقافة، حيث امتزجت قصائده بروح التراث والحضارة العربية. كان يعبّر عن فخره وارتباطه بتاريخ وهويته العربية.
رؤية إنسانية وتطلعات مستقبلية
كان قباني يعبر عن رؤية إنسانية عميقة، ويتطلع إلى مستقبل أفضل. كان يعتني بقضايا المرأة ويدعو إلى التغيير والتطور في المجتمع.
أفضل قصائد نزار قباني
قصيدة خمس دقائق
قصيدة حبيبتي والمطر
فمنذ رحت وعندي عقدة المطر
كان الشّتاء يغطّيني بمعطفه
فلا أفكّر في بردٍ ولا ضجر
كانت الريح تعوي خلف نافذتي فتهمسين تمسك
ها هنا شعري والآن أجلس
والأمطار تجلدني على ذراعي على وجهي
على ظهري فمن يدافع عنّي يا مسافرة
مثل اليمامة بين العين والبصر
كيف أمحوك من أوراق ذاكرتي
وأنت في القلب مثل النّقش في الحجر
أنا أحبّك يا من تسكنين دمي
إن كنت في الصين أو إن كنت في القمر
قصيدة إلى تلميذة
قل لي – ولو كذباً – كلاماً ناعماً
قد كادً يقتلني بك التمثال
مازلت في فن المحبة .. طفلةً
بيني وبينك أبحر وجبال
لم تستطيعي ، بعد ، أن تتفهمي
أن الرجال جميعهم أطفال
إني لأرفض أن أكون مهرجاً
قزماً .. على كلماته يحتال
فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً
فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب .. تقتل حبنا
إن الحروف تموت حين تقال..
قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها
غيبوبة .. وخرافةٌ .. وخيال
الحب ليس روايةً شرقيةً
بختامها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا ان الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشةٌ
وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كروم حوله .. وغلال..
هو هذه الأزمات تسحقنا معاً ..
فنموت نحن .. وتزهر الآمال
هو أن نثور لأي شيءٍ تافهٍ
هو يأسنا .. هو شكنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونقبل الكف التي تغتال
رائد الشعر العربي الحديث
قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات..
ومقصوصة ، كجناح أبيك، هي المفردات
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواه..
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..
لأي سماء نمد يدينا؟
ولا أحدا في شوارع لندن يبكي علينا..
يهاجمنا الموت من كل صوب..
ويقطعنا مثل صفصافتين
فأذكر، حين أراك، عليا
وتذكر حين تراني ، الحسين
أشيلك، يا ولدي ، فوق ظهري
كمئذنة كسرت قطعتين..
وشعرك حقل من القمح تحت المطر..
ورأسك في راحتي وردة دمشقية .. وبقايا قمر
أواجه موتك وحدي..
وأجمع كل ثيابك وحدي
وألثم قمصانك العاطرات..
ورسمك فوق جواز السفر
وأصرخ مثل المجانين وحدي
وكل الوجوه أمامي نحاس
وكل العيون أمامي حجر
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر..
قصيدة بلادي
من لثغة الشحرور .. من
بحة نايٍ محزنه ..
من رجفة الموال .. من
تنهدات المئذنه ..
من غيمةٍ تحبكها
عند الغروب المدخنه
وجرح قرميد القرى
المنشورة المزينه ..
من وشوشات نجمةٍ
في شرقنا مستوطنه
من قصة تدور
بين وردةٍ .. وسوسنه
ومن شذا فلاحةٍ
تعبق منها (الميجنه)
ومن لهاث حاطبٍ
عاد بفأسٍ موهنه ..
جبالنا .. مروحةٌ
للشرق .. غرقى ، لينه
توزع الخير على الدنيا
ذرانا المحسنه
يطيب للعصفور أن
يبني لدينا مسكنه ..
ويغزل الصفصاف ..
في حضن السواقي موطنه
حدودنا بالياسمين
والندى محصنه
ووردنا مفتحٌ
كالفكر الملونه ..
وعندنا الصخور تهوى
والدوالي مدمنه
وإن غضبنا .. نزرع
الشمس سيوفاً مؤمنه ..
بلادنا كانت .. وكانت
بعد هذا الأزمنه
قصيدة حب بلا حدود
يا سيدتي:
كنت أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهم امرأةٍ
بعد ولادة هذا العام..
أنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأةٌ..
صنعت من فاكهة الشعر..
ومن ذهب الأحلام..
أنت امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوام..
يا سيدتي:
يالمغزولة من قطنٍ وغمام.
يا أمطاراً من ياقوتٍ..
يا أنهاراً من نهوندٍ..
يا غابات رخام..
يا من تسبح كالأسماك بماء القلب..
وتسكن في العينين كسرب حمام.
لن يتغير شيءٌ في عاطفتي..
في إحساسي..
في وجداني.. في إيماني..
فأنا سوف أظل على دين الإسلام..
يا سيدتي:
لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأةٌ تبقى امرأةً.. في كل الأوقات.
سوف أحبك..
عند دخول القرن الواحد والعشرين..
وعند دخول القرن الخامس والعشرين..
وعند دخول القرن التاسع والعشرين..
و سوف أحبك..
حين تجف مياه البحر..
وتحترق الغابات..
قصيدة وداعا يا صديق العمر
وداعاً .. أيها الدفتر
وداعاً يا صديق العمر، يا مصباحي الأخضر
ويا صدراً بكيت عليه، أعواماً، ولم يضجر .
ويا رفضي .. ويا سخطي ..
ويا رعدي .. ويا برقي ..
ويا ألماً تحول في يدي خنجر ..
تركتك في أمان الله ،
يا جرحي الذي أزهر
فإن سرقوك من درجي
وفضوا ختمك الأحمر
فلن يجدوا سوى امرأةٍ
مبعثرةٍ على دفتر …
قصيدة كلمات
يسمعني حين يراقصني كلمات ليست كالكلمات
يأخذني من تحت ذراعي يزرعني في إحدى الغيمات
والمطر الأسود في عيني يتساقط زخات زخات
يحملني معه يحملني لمساءٍ وردي الشرفات وأنا كالطفلة في يديه
كالريشة تحملها النسمات يهديني شمساً يهديني صيفاً
وقطيع السنونوات يخبرني أنّي تحفته وأساوي آلاف النجمات
وبأني كنزٌ وبأني أجمل ما شاهد من لوحات يروي أشياء
تدوّخني تنسيني المرقص والخطوات كلمات تقلب تاريخي
تجعلني امرأة في لحظات يبني لي قصراً من وهمٍ لا أسكن فيه سوى لحظات
وأعود لطاولتي لا شيء معي إلا كلمات كلمات
ليست كالكلمات لا شيء معي إلا كلمات
في إرثه الأدبي خلّد نزار قباني قصائده في ذاكرة الأمة العربية. كان شاعرًا لا يقف عند حدود الزمان والمكان، بل كتب للإنسان والإنسانية. بأسلوبه الراقي والمؤثر، استطاع أن يحقق تواصلًا فريدًا مع القراء، مما يجعله واحدًا من أعظم شعراء العرب في تاريخهم